نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ هو عدم تنجس الماء بملاقات كل واحد واحد من النجاسات لانه مقتضى وقوع النكرة فى سياق النفى فتدل الرواية على عدم تنجس الكر من الماء بملاقات البول او الدم او غيرهما فيثبت بانتفاء الشرط اعنى به كرية الماء تنجسه بملاقات كل واحد منها فلا معنى ح للقول بان المفهوم موحية جزئية وانه لا يثبت بالرواية الّا تنجس الماء القليل بملاقات نجس ما دون جميع النجاسات هذا مع انا لو قلنا بان المفهوم فيما لو كان التالى سالبة كلية لا يكون الّا موجبة جزئية لما ترتب عليه اثر فى خصوص المثال لانه اذا ثبت تنجس الماء القليل ينجس ما ثبت تنجسه بكل نجس من انواع النجاسات اذ لا قائل بالفصل بينها فلا تترتب ثمرة على البحث عن كون مفهوم الرواية موجبة كلية او موجبة جزئية واما توهم ان ما تدل عليه الرواية على القول بكون المفهوم موجبة جزئية انما هو تنجسه بملاقات نجس ما غاية الامر انه يتعدى من ذلك الى بقية النجاسات بعدم القول بالفصل لكن عدم القول بالفصل مختص بالاعيان النجسة فلا يمكن اثبات تنجس الماء القليل بملاقاته المتنجس الا على تقدير كون المفهوم موجبة كلية فهو مدفوع بانه ليس المراد من الشيء المذكور فى الرواية هو كل ما يصدق عليه انه شىء اذ لا معنى لاشتراط عدم انفعال الماء عند ملاقاته الاجسام الطاهرة بكونه كرا بل المراد به هو الشى الذى يكون فى نفسه موجبا لتنجس ملاقيه وعليه فان ثبت من الخارج تنجيس المتنجس فذلك يكفى فى الحكم بانفعال الماء القليل بملاقاته من دون احتياج فى ذلك الى التمسك بمفهوم الرواية وان لم يثبت ذلك فالتنجس غير داخل فى عموم المنطوق لتثبت بمفهومها نجاسة الماء القليل بملاقاته على تقدير كون المفهوم موجبة كلية. واجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٩٦ ولكنه كما ترى اذ نقول انه ـ

١٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ على الثاني من تعليق العمومية وان لم يكن المجال الّا للايجاب الجزئى بلحاظ عدم اقتضائه ح فى طرف المفهوم الّا انتفاء هذه العمومية الغير المنافى مع عدم منجّسية بعض النجاسات الّا انه نقول بانه على الاول لا يتعين كونه بنحو الايجاب الكلى بل هو بمقتضى ما بيناه قابل لافادة الايجاب الجزئى ايضا ومع قابليته لذلك فى فرض كون المعلق هو الحكم العام فلا يصح ابتناء الخلاف المزبور على تعليق الحكم العام او عموم الحكم بل ولعل التأمل التام يقضى ايضا بكون النزاع المزبور فى فرض تعليق الحكم العام ولو بملاحظة كونه مقتضى طبع مثل هذه القضايا من حيث ظهورها فى كون المنوط هو النسبة الحكمية فى القضية فى قوله اكرم كل عالم دون حيث العمومية والاستيعاب الذى هو من شئون موضوع العام ومن كيفياته القائمة به حيث ان تعليق هذه الجهة يحتاج الى نحو عناية زائدة وتعقل ثانوى بلحاظ نحو العمومية وعليه فلا بد من لحاظ هذه الجهة فى ان اضافة الحكم العام بشرطه فى قوله الماء اذا بلغ قدر كر هل هو من قبيل اضافته الى موضوعه فكانت بتعليق سنخى حتى يلزمه انحلاله الى تعليقات متعددة وقضايا شرطية عديدة حسب تعدد افراد الموضوع من مثل اذا كان الماء قدر كر لا ينجسه بول واذا كان قدر كرّ لا ينجسه غائط ولا دم وهكذا فيلزمه استخراج مفاهيم متعددة من كل قضية مفهوما او باناطة وتعليق شخص غير منحل الى تعليقات متعددة كى يلزمه كون مفهومه هو انتفاء هذا الحكم وهو عدم منجسيّة كل شىء له عند عدم بلوغه كرا الغير المنافى مع عدم منجسيّة بعض النجاسات وفى مثله لا يبعد ان يقال الاول نظرا الى دعوى ظهور القضية ح فى كون نسبة الحكم المزبور الى شرطه بعينه على نحو كيفية تعلقه بموضوعه الملازم لكونه بتعليق سنخى منحل الى تعليقات متعددة وعليه فقهرا ـ

١٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ تكون النتيجة فى طرف المفهوم بنحو الايجاب الكلى لا الايجاب الجزئى. وان شئت توضيح ذلك قال استاذنا الآملي فى المنتهى ص ٢١٨ ملاك وحدة المفهوم وتعدده فى القضية الشرطية هو وحدة التعليق والربط وتعددهما لا تعدد الحكم ووحدته فى مقام التطبيق لان تحليل العقل للحكم الواحد عنوانا الى احكام متعددة بعدد افراد الموضوع فى الخارج تطبيق من العقل لذلك الحكم الواحد على موارده التى هى مصاديق موضوعه الواحد المنطبق بنظر العقل ايضا على تلك الموارد فلم يكن المتكلم بمثل قوله اذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شىء قد انشأ عدة قضايا شرطية بعبارة واحدة لان النسبة التعليقية الشرطية المستفادة من أداة الشرط هى نسبة واحدة لوحدة أداة الشرط المفيدة لها فلا محالة يكون المنتسب بها معنى واحدا ، واما ما بنى عليه من الفرق بين ما اذا كان المعلق على الشرط عموم الحكم او الحكم العام ففيه ان ما يثمر فى الايجاب الكلى فى هذا المفهوم هو سوق القضية لتعليقات متعددة بعدد الحكم والّا فلو كان المقام مسوقا لبيان تعليق واحد لا فرق فيه بين كون المعلق عموم الحكم او الحكم العام المنحل الى احكام متعددة لموضوعاته ففى الحقيقة تكون استفادة الايجاب الكلى من لوازم الانحلال فى ناحية التعليق لا من لوازم الانحلال فى ناحية المعلق وتوهم الملازمة مع الانحلال فى ناحية التعليق مدفوع جدا كما لا يخفى فالاولى ان يقال بعد استغراقية الحكم تارة تكون القضية مسوقة لتعلق كل واحد مستقلا واخرى لتعلق كل واحد ضمنا ففى كل واحد من القسمين يكون معروض التعليق هو الحكم العام نعم قد يكون المعروض عموم الحكم الذى هو معنى واحد بسيط وفى مثله لا يتصور الّا تعليق واحد بلا قابلية للانحلال الى تعليقات متعددة بخلاف الصورة الاولى ولذا نقول ان ـ

١٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ فى فرض استفادة العموم من الهيئة كان ظاهر القضية هو رجوع التعليق الى حكم العام وانما الكلام فى انه بتعليق واحد او بتعليقات متعددة وظهورها فى الثانى فى غاية البعد فلا تستفاد منه ح الّا الموجبة الجزئية ، واما ما استنتجه فى مقام الاثبات من ان الدال على العموم اذا كان معنى حرفيا مستفادا من مثل هيئة الجمع او كان مستفادا من وقوع النكرة فى سياق النفى فلا محالة يكون المعلق هو الحكم العام كما فى الرواية ففيه انه لو سلمنا ذلك ـ اى لان المعانى الحرفية قابلة للاطلاق والتقييد وملحوظة ايضا فان لحاظ المجموع من حيث المجموع فى النكرة فى سياق النفى ايضا يحتاج الى مئونة فيحمل على الاستغراق كما فى الكل ولكن لا نسلم ان يكون لازمه انحلال التعليق بل القضية قابلة لان تكون مسوقة لتعليق واحد قائم بالحكم العام فلا ينتج ذلك ايضا الّا الايجاب الجزئى كما لا يخفى وبالجملة استفادة عموم التعليق بنحو يقتضى انحلاله الى تعليقات متعددة فى جعل هذه القضايا لو لا القرينة الخارجية دونها خرط القتاد ـ اى الربط يكون فى تشكيل الكلام وهو واحد فان المتكلم بربط واحد يربط كل ما هو مربوط فكيف يمكن ان يتعدد فلا طريق لنا لا يستفاده عموم الحكم الا القرينة ثم ان ما تمسك به من عدم القول بالفصل بين انواع النجاسات بانه اذا ثبت تنجس الماء فى الجملة فيثبت تنجسه بكل نجس ففيه ان العموم فى المفهوم تارة يلاحظ فى افراد النجس واخرى فى انحاء ملاقاته من ورود النجس عليه او وروده على النجس وربما يثمر فيه سلب العموم او الايجاب الجزئى او لا يكون فى انحاء الورود عدم القول بالفصل وبذلك ايضا ربما يستنتج طهارة الغسالة او تتميم الكر بالنجس مع استهلاكه فى الماء لا بالملاقات فضلا عن المتنجس اذ العمومات ح تسقط عن الدليلية فى هذه ـ

١٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ المقامات. وقال استادنا الآملي فى المجمع ج ٢ ص ١٢١ وقد ينسب اليه ـ اى الى المحقق النائينى ـ ما لا يليق بشأنه العلمى وهو انه قيل انه يريد ان هذا وان كان بحسب العقل كذلك ولا محيص عنه ولكن يمكن الاستظهار على خلافه وفيه ان ما هو الممنوع عقلا كيف يمكن استظهاره وقوعا ـ الى آخر كلامه واختار استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٤٢٠ نفس كلام المنطقيين قال الظاهر ان هذا القول هو الصحيح لان المستفاد من القضية الشرطية انما هو تعليق مدلول التالى بمدلول المقدم وبما ان مدلول التالى فى محل البحث ليس الّا امرا واحدا اعنى به الحكم المجعول على الطبيعة السارية يكون المنتفى عند انتفاء الشرط المذكور هو ذلك الحكم ايضا فالحكم المجعول فى التالى وان كان بحسب مقام اللب ونفس الامر ينحل الى احكام متعددة حسب تعدد افراد موضوعه الّا انه بحسب مقام الجعل امر واحد ومستفاد من دليل واحد ومن الواضح ان تعدد الحكم فى غير مقام الاثبات لا تاثير له فى كيفية استفادة المفهوم من الكلام فى مقام الاثبات والدلالة وعليه فلا تدل القضية الشرطية فى مفروض الكلام الّا على انتفاء الحكم عن الطبيعة السارية عند انتفاء شرطه ومن الضرورى انه يتحقق بانتفائه عن بعض الافراد ولا يتوقف تحققه على انتفاء الحكم عن جميع الافراد فمفهوم قولنا اذا لبس زيد لامة حرب لم يخف احدا هو الحكم بتحقق الخوف فى الجملة وبالاضافة الى بعض الاشخاص عند انتفاء الشرط المذكور فى القضية لا الحكم بتحقق الخوف له بالاضافة الى كل شخص وكذلك الحال فى قولنا اذا غضب الامير لم يحترم احدا وغيره من موارد استعمال القضية الشرطية فى تعليق حكم عام على شرط ما وعلى ذلك فلا يكون مفهوم قولهم عليهم‌السلام اذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء الّا ثبوت نجاسة ـ

١٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الماء القليل بملاقات بعض النجاسات فى الجملة لا ثبوت النجاسة له بملاقات كل نجس نعم ان ما افاده شيخنا الاستاد من عدم القول بالفصل بين انواع النجاسات متين جدا فلا يترتب على هذا النزاع بالاضافة الى انواع النجاسات اثر اصلا واما بالاضافة الى المتنجسات فترتب الاثر عليه ظاهر فانه بعد ما ثبت تنجيس المتنجس فى الجملة يحكم بانفعال الماء القليل بملاقات المتنجس بناء على استفادة العموم فى ناحية المفهوم واما بناء على كون المفهوم موجبة جزئية فلا تدل الرواية على انفعاله بها وليس هناك قول بعدم الفصل بين المتنجس والاعيان النجسة ليتمسك به ومن هذا البيان يظهر فساد ما افاده شيخنا الاستاد قدس‌سره في المقام من انه اذا دل دليل خارجى على تنجيس المتنجس لما لاقاه كفى ذلك فى الحكم بانفعال الماء القليل بملاقات المتنجس فلا حاجة الى التمسك بالمفهوم والّا كان المتنجس غير داخل فى المنطوق فلا يترتب على القول بكون المفهوم موجبة كلية الحكم بانفعال الماء القليل بملاقاته وجه الظهور انه اذا دل دليل على تنجيس المتنجس لما لاقاه فى الجملة فى غير ان تكون له دلالة على انفعال خصوص الماء بملاقاته فلا يكون المتنجس داخلا فى موضوع ما يكون قابلا لتنجيس ملاقيه فتدل الرواية المزبورة على عدم انفعال الكر بملاقاته لاعتصامه بنفسه فلو قلنا بكون مفهومها موجبة كلية لدلت الرواية على انفعال الماء القليل بملاقاته كما تدل على انفعاله بملاقات الاعيان النجسة والّا كانت الرواية ساكتة عن حكم ملاقاته المتنجس فلا بد فيه من التماس دليل آخر وهذه ثمرة مهمة تترتب على البحث عن كون مفهوم القضية الكلية قضية كلية او جزئية. وقد عرفت مفصلا انه بحسب الظهور العرفى كلية لكون المدار على الاناطة والتعليق لا الحكم ولا العموم واما ما ذكره اخيرا فى الرواية عند ورود الدليل ـ

١٠٦

مقالة (١) فى مفهوم الوصف (٢) وفيه ايضا اختلاف بين الاعلام وان كان المشهور فيها عدم المفهوم عكس المسألة

______________________________________________________

ـ على تنجيس المتنجس لما لاقاه فى الجملة فلا محالة يكون خصوص الماء احد مصاديقه ولازمه كون الماء داخلا فى موضوع ما يكون قابلا لتنجيس ملاقيه فالكلية لا اثر له والعمدة ما ذكرناه وتفصيله فى محله.

فى مفهوم الوصف

(١) نموذج ٣ فى مفهوم الوصف.

(٢) قال فى الفصول ص ١٥٢ فاثبته جماعة وعزى ذلك الى ظاهر الشيخ وحكى عن الشهيد انه جنح اليه فى الذكرى ونفى جماعة وهو المنقول عن السيد والمحقق والعلامة وفصل شاذ من اهل الخلاف ـ الى ان قال ـ فنقول الظاهر من كلمات القوم اختصاص النزاع فى المقام بالوصف الصريح لكن بعض المعاصرين ادرج فيه غير الصريح وكأنه ينظر الى ما حكى عن ابى عبيدة فى حديث امتلاء البطن بالشعر كما يظهر من تمثيله وهو لا يقتضى مطلوبه ثم الظاهر انه لا فارق فى المقام من ان يكون الموصوف مذكور كقولك اكرم الرجل العالم او لا كقولك اكرم العالم كما يرشد اليه بمقالة ابى عبيدة. وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٢٠ الظاهر انه لا مفهوم للوصف ـ اى كقوله عليه‌السلام من مات وهو صحيح موسر ونحشره يوم القيامة اعمى الحديث فى ما كان الوصف معتمدا على الموصوف كالرجل العالم او لا قال عليه‌السلام التاجر يسوّف الحج الحديث ـ وما بحكمه ـ اى الوصف الضمنى كما فى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لان يمتلى بطن الرجل قيحا خير من ان يمتلي شعرا فان امتلاء البطن كناية عن الشعر الكثير فيدل بمفهومه لو قيل به على عدم الباس بالشعر القليل ـ

١٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ مطلقا ـ اى على ما عرفت معتمدا ام لا وقال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٤٣٣ ان محل الكلام فى المقام هو الوصف المعتمد على موصوفه واما غير المعتمد عليه فلا اشكال فى عدم دلالته على المفهوم فهو ح خارج عن محل النزاع اذ لو كان الوصف على اطلاقه ولو كان غير معتمد على الموصوف محل النزاع لدخلت الجوامد ـ اى كالملكية والزوجية ـ فى محل النزاع ايضا بداهة انه لا فرق بين الجامد وغير المعتمد من الوصف الّا فى ان المبدا فى الجامد جعلى وفى غير المعتمد غير جعلى وهذا لا يكون فارقا بينهما فى الدلالة على المفهوم وعدمها فلو كان غير المعتمد دالا على المفهوم لدل الجامد عليه ايضا بل يمكن ان يقال ان كون المبدا الجوهرى مناطا للحكم بحيث يرتفع الحكم عند عدمه اولى من كون المبدا العرضى مناطا له فهو اولى بالدلالة على المفهوم من الوصف غير المعتمد. لكن الظاهر تعميم النزاع للجميع ولكن قال استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٤٣٥ فالعمدة فى المقام هى ان يكون الوصف قيدا للحكم امكن التمسك باطلاق الحكم كما ذكرنا فى القضية الشرطية واما لو كان قيدا للموضوع فليس هناك ما يدل على انتفاء سنخ هذا الحكم عن غير هذا الموضوع ـ ومما ذكرنا ظهر لك ان هذا النزاع لا يجرى فى الوصف غير المعتمد على الموصوف لانه هناك جعل نفس الوصف موضوعا فلا مجال للبحث فى ان الوصف قيد للحكم او قيد للموضوع هذا ما ذكره شيخنا الاستاد قدس‌سره اى المحقق النائيني. وعلى اى ذكر صاحب الكفاية لعدم ذكر الوصف للمفهوم بوجوه مبتنيا على ما تقدم منهم من ان المفهوم ماخوذا من العلية المنحصرة الأول ـ لعدم ثبوت الوضع ـ اى عدم ثبوت الخصوصية المستلزمة للمفهوم فيه بل الثابت خلافه لان البناء على ثبوت الوضع يقتضى الالتزام بالمجاز فى ـ

١٠٨

السابقة (١) ولعل عمدة النكتة فى انكار المشهور للوصف مفهوما هو الذى

______________________________________________________

ـ جميع الموارد التى لا يكون فيها تعليق السنخ وهو خلاف ارتكاز المستعملين الثاني ـ وعدم لزوم اللغوية بدونه لعدم انحصار الفائدة به ـ اى لامكان ان تكون الفائدة زيادة الاهتمام بالموصوف كقوله اياك وظلم اليتيم ولا ينبغى التأمل فى صحة الاستعمال ح وكذا لدفع توهم عدم شمول الحكم لمورد الوصف كقوله تعالى ـ (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) ونحو ذلك الثالث ـ وعدم قرينة اخرى ملازمة له ـ اى للمفهوم من الانصراف ونحوه الرابع ـ وعليته فيما اذا استفيدت ـ اى قد يتوهم ان الوجه فى استفادة المفهوم ظهور التوصيف فى علية الوصف ولذا اشتهر ان تعليق الحكم على الوصف يشعر بالعلية ـ غير مقتضية له كما لا يخفى ـ اى للمفهوم فان مجرد العلية لا تقتضى ثبوت المفهوم لجواز ان يكون للحكم علتان تنوب احداهما مناب الاخرى والعلية المنحصرة وان كانت مقتضية له إلّا ان التوصيف لا يقتضيها واشار الى ذلك بقوله ـ ومع كونها بنحو الانحصار وان كانت مقتضية له الّا انه لم يكن من مفهوم الوصف ضرورة انه قضية العلية الكذائية المستفادة من القرينة عليها فى خصوص مقام وهو مما لا اشكال فيه ولا كلام. وذكر المحقق العراقى فى بيان عدم المفهوم للوصف واليك بتوضيحه.

(١) قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٤٩٩ فالظاهر هو عدم ثبوت المفهوم لنحو هذه القضايا الوصفية بحسب طبعها ما لم يكن فى البين قرينة عليه من حال او مقال اذ لا دلالة للقضية بطبعها على كون الحكم المعلق على الوصف هو السنخ كى يقتضى انتفائه عند انتفاء القيد بل وانما غايتها الدلالة على مجرد ثبوت الحكم للمقيد بنحو الطبيعة المهملة الغير المنافى لثبوت فرد آخر مثله فى غير مورد القيد كما كان ذلك هو الشأن ايضا فى القضايا اللقبية حيث لا فرق بينهما من هذه ـ

١٠٩

اشرنا اليه سابقا (١) من ان الاوصاف يحسب من قيود الموضوع وتكون من شئونها وان نسبة الحكم والمحمول اليها كنسبته الى ذوات موضوعاتها وح كان لدعوى اقتضاء طبع القضية اهمال المحمول بالاضافة الى موضوعه بشئونه كمال مجال وذلك بخلاف سائر المفاهيم (٢) فان

______________________________________________________

ـ الجهة الّا من جهة كون الموضوع فى القضايا الوصفية عبارة عن امر خاص مقيد بقيد خاص.

(١) اى ان الوصف الذى يوصف به الموضوع لا يكون الّا جزء منه لا قيدا زائدا عليه بنحو تتم القضية بدونه وح يكون موضوع القضية الموصوف بوصف ما مركبا من معنيين الذات ووصفها وعليه لا يبقى فرق بين اللقب وموضوع القضية الموصوف بوصف ما فكما ان اللقب ليس قيدا زائدا على ما تتم به القضية كذلك وصف موضوع القضية وعليه لا يكون فى القضية التى موضوعها مركب من الذات والوصف قيد زائد كالشرط يوجب استظهار كون المحمول فيها هو السنخ ومع انتفاء هذا الظهور لا يمكن الحكم بالمفهوم.

(٢) واما ما ذكرنا من قضية الاطلاق فى الحكم المثبت لانحصاره فى شخص الفرد المنشأ في الشرط والغاية فغير جار في المقام من جهة القطع بعدم اطلاقه كذلك فى المقام وفي القضايا اللقبية اذ من الممتنع ح اطلاق الحكم في قوله يجب اكرام زيد او زيد القائم بنحو يشمل جميع افراد وجوب الاكرام حتى الثابت لعمرو ومع امتناع اطلاقه كذلك ثبوتا لا مجال لكشفه اثباتا وهذا بخلافه فى الشرط والغاية فان اطلاق الحكم فيهما انما هو بحسب الحالات دون الافراد فاذا اقتضى قضية الاطلاق فى الحكم ثبوت ذلك الحكم الشخصى للموضوع فى جميع الحالات من القيام والقعود والمجيء ونحوه وانيط ذلك الحكم ايضا بالشرط او الغاية فقهرا يلزمه ـ

١١٠

القضية فيها مشتملة على نسبة زائدة (١) عما يقتضيه طبع القضية من الاضافة الى الموضوع ولذا لا بأس باخذ الاطلاق (٢) الزائدة مع ابقاء القضية على طبعها فى نسبة المحمول الى موضوعه من الاهمال بخلافه فى الاوصاف (٣) فانه ليس فى البين نسبتان (٤) كى يؤخذ باهمال

______________________________________________________

ـ عقلا انتفائه بانتفاء المنوط به شرطا او غاية وهذا بخلافه فى القضايا الوصفية واللقبية حيث انه بعد اخذ الوصف قيدا فى الموضوع لا مجال للاطلاق الحالى للحكم فلا بد ح وان يكون السنخ والاطلاق فيه بلحاظ الافراد فاذا فرض ح امتناع اطلاقه من هذه الجهة فلا جرم لا يبقى مجال لدعوى دلالة القضية الوصفية على المفهوم والانتفاء عند الانتفاء بل لا بد ح فى اثباته من قيام قرينة خارجية عليه من حال او مقال تقتضى كونه فى مقام التحديد ومقام حصر الحكم والّا فلو كنا نحن ونفس القضية الوصفية لا يكاد اقتضائها بحسب طبعها الا مجرد ثبوت المحمول للمقيد بنحو الطبيعة المهملة الغير المنافى لثبوت شخص حكم آخر لذات المقيد عند ارتفاع القيد.

(١) اى السر في ذلك ان فى مفهوم الشرط وغيره له اضافة الحكم الى الموضوع وهو موجود فى القضية الوصفية ايضا وله اضافة الحكم الى الشرط ايضا وهو امر زائد على تلك الاضافة والنسبة.

(٢) اى منشأ الأخذ بالاطلاق هذه الاضافة والنسبة فيكون سنخ الحكم وطبيعى الحكم على نحو الاطلاق بمقدمات الحكمة معلقا.

(٣) اى ان الاوصاف ليس لها الحكم المطلق معلقا.

(٤) اى عدم وجود نسبتان إحداهما نسبة الحكم الى الموضوع واخرى نسبة الحكم الى الوصف.

١١١

احدهما (١) واطلاق الآخر (٢) بل مقتضى طبع القضية ليس الاهمال المحمول بالنسبة الى موضوعه بتبعاته وشئونه (٣) وتوهم (٤) ان التوصيف ايضا جهة زائدة عما يقتضيه طبع القضية من الاحتياج الى محمول وموضوع (٥) وان ما هو مقتضى طبع الكلام من الاهمال انما هو بالنسبة

______________________________________________________

(١) اى لو كانت لها نسبتان كنا نقول ان نسبة المحمول الى الموضوع على وجه الاهمال وهو بحسب الافراد.

(٢) اى النسبة المحمول الى الوصف يكون على وجه الاطلاق وهو بحسب الحالات ولكن ليس الّا نسبة واحدة وهو نسبة الحكم الى الموضوع لان الوصف من قيود الموضوع وليس امر خارج عنه كالشرط.

(٣) اى لا يكون القضية بحسب وضعه الّا نسبة المحمول على نحو القضية المهملة الى الموضوع بجميع شئونه.

(٤) اى التوهم ان الكلام الذى يصح السكوت عليه يتم بذات الموضوع والمحمول فى القضية الشرطية وهما جاء وزيد مثلا ويكون ذكر الشرط لافادة معنى زائد على المعنى الذى يفيده الموضوع والمحمول وذلك المعنى الزائد هو كون المحمول فى القضية طبيعة المحمول وسنخه بما هى طبيعته لا الطبيعة المهملة على المعنى الذى يفيده الموضوع والمحمول وذلك المعنى الزائد هو كون المحمول فى القضية طبيعة المحمول وسنخه بما هى طبيعته لا الطبيعة المهملة فينتج ذلك انتفاء المحمول عند انتفاء الشرط المعلق عليه ذلك المحمول.

(٥) اى كذلك المركب من موضوع موصوف ومحمول يتم بنحو يصح السكوت عليه بذات الموضوع والمحمول فيكون ذكر الوصف متمحضا لافادة معنى زائد على المعنى الذى يفيده ذات الموضوع والمحمول وذلك المعنى الزائد هو كون المحمول ـ

١١٢

الى ما به قوام كلامية الكلام (١) والاوصاف جهة زائدة عنها ولا مانع ح من الاخذ بالاطلاق والتجريد فى الاوصاف ايضا (٢) بل ربما يدعى (٣) ايضا فى كليّة الاوصاف (٤) بان الوصف مشعر بالغلبة (٥) وان غرضه (٦) ان نسبة الحكم الى الوصف بنسبة اخرى زائدة عن نسبة الحكم الى موضوعه فلا بأس ح بالتفكيك بينهما من حيث

______________________________________________________

ـ فى القضية طبيعة المحمول وسنخه بما هى طبيعته لا الطبيعة المهملة فينتج ذلك انتفاء المحمول عند انتفاء الوصف.

(١) اى الموضوع والمحمول وملخصه.

(٢) ان اناطة الحكم وتعليقه بالوصف الذى هو امر عرضى فى نحو قوله اكرم زيدا العادل دون ذات الموصوف ودخل العنوان العرضى فى موضوع الحكم تكشف عن ان ما له الدخل فى ترتب الحكم على الذات انما هو ذلك العنوان العرضى ولازم ذلك لا محالة هو انتفاء سنخ الحكم المحمول فى القضية عند انتفاء الوصف والّا فلو فرض ثبوت شخص حكم آخر مثله للذات فى مورد فقد الوصف يلزمه ان يكون ما له الدخل فى ترتب الحكم هو ذات الموصوف وفى مثله يلزم لغوية ذكر القيد.

(٣) اى اشارة الى ما تقدم فى كلام صاحب الكفاية فى رد العلامة من التفصيل بين ما كان الوصف علة فيثبت المفهوم وبين ما لا يكون كذلك فينتفى قال فى الكفاية ج ١ ص ٣٢٠ ضرورة انه قضية الكذائية ـ اى المنحصرة ـ المستفادة من القرينة عليها فى خصوص مقام وهو مما لا اشكال فيه

(٤) اى يجرى ذلك فى مطلق الاوصاف لا الوصف العنوان العرضى.

(٥) الصحيح ـ العليّة.

(٦) اى غرض المتوهم ان فى الجملة الوصفية ايضا نسبتين كالشرطية نسبة ـ

١١٣

الاهمال والاطلاق لسائر القضايا الشرطية مدفوع (١) بان مجرد خروج الاوصاف عما به قوام كلامية الكلام لا يقتضى اختلاف نسبة المحمول الى ذات الموضوع او وصفه بل نسبة المحمول الى الموصوف بالوصف نسبة واحدة شخصية وان اختلافها الى الذات او الوصف ليس الّا تحليليّة عقلية والّا ففى الخارج ليس الّا شخص نسبة واحد (٢) والعرف يأبى عن التفكيك عن هذه النسبة الشخصية من حيث التجريد وعدمه فى هذا الموضوع الشخصى الخارجى لمحض اختلافها تحليلا (٣) ومن هنا (٤)

______________________________________________________

ـ الحكم الى الموضوع تكون نسبة طبيعى الحكم مهملة ونسبة الحكم الى الوصف فتكون نسبة طبيعى الحكم على نحو الاطلاق واضافة سنخ الحكم بحسب الحالات والاطوار وملخص الجواب عنه.

(١) اى المرجع فى تشخيص كون القيد زائدا على ما تتم به القضية والكلام الذى يصح السكوت عليه هو نظر العرف وهو يفرق بين القيد الذى يكون جزء لموضوع القضية وبين القيد الذى لا يكون جزء له بل كان ذكره فى الكلام لتشخيص نسبة الحكم الى موضوع القضية فبما ان القضية تتم بذات الموضوع والمحمول يكون ذكر القيد الموجب لتشخيص نسبة الحكم فى الكلام زائدا عليه فى نظر العرف بخلاف القيد المقوّم للموضوع لذا يكون الوصف من اجزاء الموضوع فيكون حكم المفهوم المستند اليه حكم المفهوم المستند الى اللقب.

(٢) لعل الصحيح واحدة.

(٣) اى الى ذات ووصف.

(٤) اى كون الذات والقيد امر واحد عرفا.

١١٤

ظهران اشعاره بالعلية (١) لا يوجب تغير النسبة بين الذات ووصفه خارجا ومع عدم اختلافهما فى الخارج لا يبقى مجال للتفكيك بينهما من حيث الاطلاق والتقييد (٢) كما هو ظاهر (٣) وح مقتضى

______________________________________________________

(١) اى اشعار الوصف بالعلية من القرينة الخارجية ولا يوجب تعدد النسبة وتغايرها.

(٢) اى مع عدم التعدد لا وجه لثبوت الاهمال والاطلاق فى نسبة واحدة فالنتيجة ان الجملة الوصفية لا مفهوم لها لما مر وللبيان الآتي.

(٣) بأنه لو تم هذا التقريب فانما هو فى نحو المثال المزبور حيث انه بعد عدم مناسبة حكم وجوب الاكرام لعنوان الفسق يتوجه الكلام بانه لو لا دخل الوصف فى اختصاص الحكم بمورده يلزم ان يكون المقتضى لثبوته هو ذات الموصوف من جهة فرض عدم مناسبة الحكم بوجوب الاكرام لعنوان فسقه فيتجه ح دعوى عدم صحة الاستناد الى العنوان العرضى كما هو الشأن ايضا فى آية النبأ حيث امكن بالتقريب المزبور استفادة المفهوم من جهة الوصف نظرا الى ما تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع من اختصاص وجوب التبين بالنبإ المضاف الى الفاسق وعدم ملائمته مع عدالة الراوى لا مطلقا حتى فيما لا يكون كذلك مما كان الوصف من قبيل القيام والقعود ونحوهما كما فى قوله اكرم زيدا القائم او القاعد فانه في امثال ذلك لا يكاد مجال للتقريب المزبور لاستفادة المفهوم كما هو واضح. قال فى الكفاية ج ١ ص ٣٢٠ ولا ينافى ذلك ـ اى عدم المفهوم للقيد ـ ما قيل من ان الاصل فى القيد ان يكون احترازيا ـ اى لان معنى كونه احترازية أنها دالة على خروج الفاقد للقيد عن الحكم وهو عين انتفاء الحكم عن فاقد الوصف الجواب ـ لان الاحترازية لا توجب إلّا تضييق دائرة موضوع الحكم في القضية ـ اى خروج الفاقد عن شخص الحكم لا ـ

١١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ عن سنخه فيجوز ان يثبت له شخص آخر من سنخ الحكم ـ مثل ما اذا كان بهذا الضيق بلفظ واحد فلا فرق ان يقال جئنى بانسان او بحيوان ناطق. وقال استاذنا الآملي في المنتهى ص ٢٢١ ولا يذهب عليك ان دعوى كون الوصف من قيود الموضوع ومقوماته لا تستلزم انتفاء فائدة لذكر الوصف فى الكلام كما تستلزم انتفاء المفهوم بل تكون لذكره فائدة مهمة اما اذا كان الموصوف به اسما من اسماء الاجناس فان الوصف يكون مقوما لموضوع الحكم كما فى مثل الرجل العالم يجب اكرامه او اكرم الرجل العالم واما اذا كان الموصوف به علما من الاعلام فان الوصف يكون مشخصا لموضوع الحكم ومشيرا اليه مثل زيد العالم يجب اكرامه او اكرم زيدا العالم واشباه هذه الفوائد واما الشرط فان فائدته هو تعليق سنخ الحكم عليه الموجب لانتفائه عند انتفائه وهذا هو المفهوم المتنازع فيه. وذكر المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ٤٣٤ تقريبا لعدم المفهوم للوصف فاعلم ان الحق هو عدم دلالة الوصف على المفهوم وتوضيح ذلك انما يتم ببيان امرين الاول انا قد ذكرنا فى بحث الواجب المشروط ان القيد اما ان يعتبر قيدا للمفهوم الافرادى قبل وقوع النسبة عليه فيكون المقيد بما هو مقيد طرفا للنسبة سواء كان ذلك المفهوم الافرادى متعلقا للتكليف ام كان موضوعا له واما ان يعتبر قيدا للجملة التركيبية على النحو المعقول بان يكون القيد قيدا للمادة المنتسبة فيكون التقييد واردا على المادة فى عرض ورود النسبة عليها وفى مرتبتها وقد ذكرنا هناك ان ادوات الشرط انما وضعت لتقييد جملة بجملة ولا يصح استعمالها فى تقييد المفاهيم الافرادية اصلا الثانى ان ملاك الدلالة على المفهوم كما مرت الاشارة اليه فى الفصل السابق هو ان يكون القيد راجعا الى المادة المنتسبة ليترتب عليه ارتفاع الحكم عند ارتفاع قيده والوجه في ـ

١١٦

التحقيق ما هو المشهور عدم المفهوم فى الاوصاف. ثم على تقدير المفهوم (١) مقتضى ما ذكرنا سابقا من ميزان كل مفهوم ملاحظة تجريد

______________________________________________________

ـ ذلك هو ان التقييد اذا رجع الى نفس الحكم على النحو المعقول كان لازم ذلك هو ارتفاعه بارتفاعه اذ لو كان الحكم ثابتا عند عدم القيد ايضا لما كان الحكم مقيدا به بالضرورة ففرض تقييد الحكم بشىء يستلزم فرض انتفائه بانتفائه واما اذا كان القيد راجعا الى المفهوم الافرادى فغاية ما يترتب على التقييد هو ثبوت الحكم على المقيد ومن الضرورى ان ثبوت شيء لشيء لا يستلزم نفيه عن غيره والّا لكان كل قضية مشتملة على ثبوت حكم على شىء دالا على المفهوم وذلك واضح البطلان وعلى ما ذكرناه فدلالة الوصف على المفهوم تتوقف على كونه قيدا لنفس الحكم لا لموضوعه ولا لمتعلقه وبما ان الظاهر فى الاوصاف ان تكون قيودا للمفاهيم الافرادية يكون الاصل فيها عدم الدلالة على المفهوم كما هو الحال فى اللقب عينا غاية الامر ان الموضوع او المتعلق فى اللقب امر واحد يمكن التعبير عنه بلفظ واحد بخلافهما فى المقام فانه لا يمكن التعبير عنهما غالبا الّا بلفظين وهذا لا يكون فارقا بين الموردين بعد اشتراكهما فى ملاك عدم الدلالة على المفهوم اعنى به كون الحكم غير مقيد بشيء فكما ان قولنا اكرم رجلا لا دلالة له على عدم وجوب اكرام المرأة او الصبى كذلك اكرم الانسان البالغ الذكر لا دلالة له على نفى الوجوب عن غير الرجل من افراد الانسان واجاب عنه استادنا الآملي فى المجمع ج ٣ ص ١٢٧ وفيه ان هذا يكون عين المدعى وهو وجود المفهوم للوصف وعدمه فان القائل بعدم المفهوم يقول بان الحكم لا يكون سنخا والعلة لا تكون منحصرة اذا كان القيد للموضوع فهو يحتاج الى دليل آخر غير هذا.

(١) اى لو فرض ثبوت المفهوم للوصف.

١١٧

المعلق عليه بالاضافة الى المعلق مع حفظ بقية الخصوصيات فيه (١)

______________________________________________________

(١) بقى امرين الامر الاول قد تقدم مفصلا لا بد من حفظ جميع الخصوصيات الثابتة فى المنطوق للمفهوم الّا فى النفى والاثبات قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٢٢١ لا يخفى ان محل النزاع فى ثبوت مفهوم الوصف هو ما اذا كان موضوع الوصف اعنى به الذات يثبت لها الوصف تارة وينتفى عنها اخرى مع بقائها واما اذا كان الوصف ملازما للذات فى الصدق فلا وجه للنزاع المزبور كالضاحك بالنسبة الى الانسان ، ثم انه اذا قلنا بثبوت مفهوم الوصف فانما يثبت لخصوص الموضوع الذى نسب الوصف اليه لا له ولغيره من الموضوعات التى تتصف بذلك الوصف تارة وتتجرد عنه اخرى مثلا اذا ورد ان فى الغنم السائمة زكاة فعلى القول بمفهوم الوصف تدل القضية المزبورة على انتفاء الزكاة عن الغنم المعلوفة لا على انتفاء الزكاة عنها وعن الابل والبقر المعلوفة لان الابل والبقر لم يؤخذ شىء منهما موضوعا لوصف السائمة فى القضية المزبورة. وكذا صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٢٤ قال لا شبهة فى جريان النزاع فيما اذا كان الوصف اخص من موصوفه ولو من وجه فى مورد الافتراق من جانب الموصوف ـ اى الغنم غير السائمة فى قوله فى الغنم السائمة زكاة ـ وفى غيره ـ اى الافتراق من ناحية الوصف كالابل السائمة او الوصف والموصوف كالابل المعلوفة ـ ففى جريانه اشكال اظهره عدم جريانه وان كان يظهر مما عن بعض الشافعية حيث قال قولنا فى الغنم السائمة زكاة يدل على عدم الزكاة فى معلوفة الابل جريانه ـ اى النزاع ـ فيه ولعل وجهه استفادة العلية المنحصرة. يعنى يستفاد من التوصيف كون الوصف علة لسنخ الحكم مطلقا ولو بالاضافة الى غير موضوعه لكنه لو تم لم يكن مفهوما اصطلاحا بل قد عرفت عدم المفهوم اصلا لان انتفاء الحكم عن الابل المعلوفة ليس مفهوما بل هو انتفاء للحكم ـ

١١٨

ولازمه كون المفهوم من قوله فى الغنم السائمة زكاة عدم الزكاة فى معلوفة الغنم لا فى معلوفة الابل نعم (١) لو كانت القضية فى مقام تجريد الحكم عن السوم حتى مع عدم حفظ موضوعه كان لما افيد وجه ولكنه كما ترى (٢).

______________________________________________________

ـ عن موضوع آخر غير موضوع المنطوق وقد عرفت انه لا بد من الاتحاد فيه وان المفهوم عدم الحكم فى غير حال الوصف او الشرط.

(١) ثم استدرك بانه لو كان المفهوم هو انتفاء الحكم وهو وجوب الزكاة عند انتفاء القيد وهو السوم ولو باعتبار انتفاء الموضوع وهو الغنمية فيكون دالا على الابل ايضا بالمفهوم لكنه خلاف الدلالة المفهومية مع تحقق الموضوع فى القضيتين كما هو واضح.

(٢) لما عرفت الامر الثاني قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٢٣ كما انه لا يلزم ـ اى ما يتوهم من ان التقييد بالوصف لو لم يقتض المفهوم لم يكن وجه ـ فى حمل المطلق على المقيد فيما وجد شرائطه ـ اى لعدم التنافي بينهما فليس التنافي الّا من جهة الدلالة على المفهوم وانتفاء الحكم عن غير مورد القيد فانه ينافى ثبوته له بمقتضى دلالة المطلق والجواب ـ الّا ذلك ـ اى حمل المطلق على المقيد ـ من دون حاجة فيه الى دلالته على المفهوم فانه من المعلوم ان قضية الحمل ليس الّا ان المراد بالمطلق هو المقيد وكأنه لا يكون فى البين بل ربما قيل انه لا وجه للحمل لو كان بلحاظ المفهوم فان ظهوره ـ اى المقيد ـ فيه ـ اى فى المفهوم ـ ليس بظهور المطلق فى الاطلاق كى يحمل عليه لو لم نقل بانه ـ اى ظهور المطلق ـ الاقوى لكونه بالمنطوق كما لا يخفى. وقال استادنا الآملي في المنتهى ص ٢٢٢ بان السر في الحمل المزبور هو احراز وحدة التكليف وظهور القيد فى كونه جزء لموضوع ـ

١١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ التكليف او جزء لمتعلقه ومعهما لا يتحقق امتثال ذلك التكليف الواحد الّا باحراز موضوعه او متعلقه المفروض كونه مركبا من القيد والذات ولذا لا تكون منافات بين المطلق والمقيد توجب حمل احدهما على الآخر اذا لم يكن التكليف المتعلق بهما واحدا. فحمل المطلق على المقيد اجنبى عن المفهوم بالكلية وذكر استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٤٣٧ ان قلت ان هذا الكلام بالنسبة الى المطلق البدلى الذى يكون المطلوب فيه صرف الوجود صحيح ولكنه لا يجرى فى المطلق الشمولى لانه فى الاطلاق الشمولى لا تخيير فى البين بل ينحل المطلق الى قضايا متعددة حسب تعدد افراد الطبيعة ويكون مثل العام الاصولى كل فرد معينا موردا للحكم لا مخيرا فحمل المطلق على المقيد لا يكون الّا من باب المفهوم والّا فلا تعارض بين ثبوت الحكم لجميع الافراد تارة وفى لسان دليل وبين ثبوته للبعض بدليل آخر نعم لا بد وان يكون لاختصاص هذا البعض بالذكر من نكتة وجهة لكونه افضل الافراد مثلا او جهة اخرى قلنا اولا لا نسلم لزوم حمل المطلق على المقيد فى الاطلاق الشمولى اذا كانا مثبتين ـ اى كاكرم العالم واكرم العالم القرشى ـ لعدم التنافى والتعارض بينهما حتى يحتاج الى الجمع كذلك وثانيا حال التقييد بالمنفصل حال التقييد بالمتصل فكما انه فى التقييد بالمتصل ليس الّا تضييق الموضوع لا نفى الحكم عن مورد فاقد القيد فكذلك يكون فى المنفصل واما حمل المطلق الشمولى على المقيد على تقدير القول به فى غير المتنافيين فمن جهة نصوصية المقيد فى واحد القيد مع وحدة المطلوب. والجواب الثانى على مسلك المحقق النائينى من ان دليل المنفصل ايضا يضيق المطلق والعموم وعلى المختار يرفع حجية الظهور والحكم لا اصل الظهور كما تقدم فى محله وسيأتى ايضا فالعمدة الجواب الاول ـ

١٢٠